
إن كان هناك شخصية تستحق لقب أول شخصية متحررة وُجدت على وجه الأرض فهي شخصية إبليس !
فهو أول ثائر عرفه التاريخ، وهو أول متحرر تحرر من قيود العبودية، كما أنه أول محرر للبشر.
إبليس الذي بدأ حياته كناسك متعبد، يتوجه بالعبودية إلى الله ويعبد الله مع الملائكة كأحسن ما يعبده العابدون، انتهى به الأمر إلى الثورة على العبودية والطاعة.
بدأت قصة ثورته التحررية عندما صدر أمر ديني إليه وإلى من معه من الملائكة ينص على "أن اسجدوا لآدم" ...
كان هذا الأمر في قناعته حطاً من كبريائه، إذ كيف يؤمر بالسجود لمخلوق مثل الإنسان وإبليس هو من هو في التنسك والعبادة، كما أن مادة خلقه - في رأيه - أفضل من مادة خلق الإنسان.
فرأى لذلك انتفاء الحكمة في هكذا أمر بغض النظر عن الجهة التي صدر منها، فقرر ألا يُسلِّم للنص الديني، بل كان يعتقد أن لا قداسة للنص الديني إذا تعارض مع حرية الفرد وكرامته وقناعاته.
فأعلن تمرده وعصيانه.
وحين سُمح له بالبقاء ولكن مطروداً، أقسم بالدعوة إلى ثورته إلى نهاية الدنيا.
أي أنه أعلنها ثورة أبدية !
وأخذ في تحرير البشر من هذه العبودية وتحريضهم على إعلان تمردهم وعصيانهم.
فكان بحق أول مُحرر للبشر، كما كان أول متحرر !!!
كانت ثورته تقوم على أن إقناع البشر أن إرادتهم هي الأساس وليست إرادة خالقهم، وأن استمرارهم في العبودية لله في الأمور التي على غير قناعتهم مهين لكرامتهم وحرمان لهم من حق الاختيار أي حق الحياة كما يريدون لا كما يُراد لهم.
وبناء عليه، حرر أتباعه من البشر، فتحررت أهواؤهم وشهواتهم من القيود المفروضة عليهم بمقتضى العبودية.
كما حرر عقولهم من التقيد بعقائد مفروضة عليهم من خارج ذواتهم - بمقتضى العبودية أيضاً - والتي تقرر لهم تصوراتهم حول الخلق والخالق والكون وكل العالم الذي حولهم.
كما حررهم من التسليم للنص الديني إذا تعارض مع قناعات الفرد وكرامته !
فليس للنص قدسية حتى مع تحقق ثبوته، تماماً كما تعامل هو مع النص الديني !
وهكذا كانت قصة أول ثورة تحررية في التاريخ من أول شخصية متحررة.
ثورة ضد العبودية لله !!
وهكذا نرى أتباعه اليوم يدعون بنفس دعوة المحرر الأول وهي الدعوة إلى التحرر من العبودية لله !
يقول أحد الفلاسفة الملحدين: "الشيطان ثائر أبدي، أول متحرر ومحرر للعالم. جعل الإنسان يخجل من جهله البهيمي وطاعته، وحرره، وختم على جبينه ختم الحرية والإنسانية، بالإلحاح عليه بالمعصية والأكل من شجرة المعرفة" (والكلام للفيلسوف والثائر الروسي ميخائيل باكونين)
________________________________________
ملاحظة: شجرة المعرفة هي من العقائد النصرانية والتي تقول إن الله لم يكن يريد للبشر المعرفة ولذلك حرم على أبيهم الأكل منها، وعند المسلمين أن الشجرة مجرد شجرة للاختبار وأن الله هو نفسه الذي أعطى آدم المعرفة حين علمه الأسماء كلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق