فوق معضلتنا بأننا أمة لا تقرأ، لم يستطع كثيرون ممن يقرؤون منا أن ينفعوا الأمة كثيراً لسقوطهم في مشكلة أخرى!!! وهي الحرص على القراءة الثقافية على حساب القراءة التخصصية.
فلا زال قطاع كبير ممن يقرأ منا يعاني من مشكلة التشتت في القراءة وعدم اتخاذ تخصص. فهم يقرأون في كل شيء: في السياسة، في الطب، في اللغة والأدب، في الشرع، في التجارة والاقتصاد، في علم الحواسيب والتقنيات، الخ.
و ثمرة هذا كله إنسان مثقف يستطيع أن يعطيك "فكرة" عن أي موضوع يطرح، لكن لا ينتج عن مثل هذه القراءة إنسان خبير، يمكن أن تعتمد عليه دولته في مجال من المجالات الدقيقة التي تحتاج إليها الدولة أو الأمة.
بعضنا يعيب على بعض العمالة الآسيوية أن ثقافتهم محصورة في تخصصهم، و إذا سألت أحدهم خارج تخصصه فإنه لا يعلم شيئاً.
قد تكون هذه آفة من آفات الانشغال بالتخصص، ولكن بلا شك مثل هؤلاء المختصين هم الذين يمكن أن تعتمد عليهم دولهم في تطورها وتنميتها وهم أنفع للأمة ممن يقرأون في كل شيء ولم يتخذوا لهم تخصصاً يتبحرون فيه ولذا لا يمكن الاعتماد عليهم في أي شيء.
لست أدعو لعدم تنويع مجالات القراءة، ولكن ألا يكون ذلك على حساب التخصص.
يعني بالمختصر المفيد يمكن القول:"اقرأ كل شيء عن شيء، واقرأ شيئاً عن كل شيء".
والمعنى: على الإنسان أن يتخذ له تخصصاً يقرأ فيه ويتعمق في كل ما يخصه، ولا يمنع ذلك من أن يكون له اطلاع على المجالات الأخرى ولو قليلاً حتى تكون عنده معلومات ولو قليلة في غير تخصصه.
فإذا كان وقت الإنسان لا يسع للنوعين من القراءة (الثقافية والتخصصية)، فليلزم تخصصه، حتى وإن بدا أمام الناس أنه ليس مثقفاً بما فيه الكفاية، فإن أهل التخصصات هم عماد الأمة في تطورها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق