أغرب طابعة ثلاثية الأبعاد


أغرب طابعة ثلاثية الأبعاد






أغرب طابعة ثلاثية الأبعاد رأيتها هي النطفة.

فهي تقرأ الشفرات وتطبعها على هيئة أعضاء مختلفة.

فتقرأ شفرة معينة وتطبعها على هيئة عضلة قلب.

وتقرأ أخرى وتطبعها على هيئة دماغ.

وهكذا مع الكبد والرئة وبقية أعضاء الجسم.

ولا تكتفي بذلك، بل تصل فيما بين هذه الأعضاء لتتحول إلى أجهزة متخصصة، وتطبع لها أنابيب لتزودها بالوقود اللازم لتعمل، كما تطبع لها أسلاكا لتصلها بجهاز تحكم مركزي.

وتطبع هيكلا قويا لتتكئ هذه الأعضاء والأجهزة عليه.

كما تطبع نسيجا جلديا لتغلف به كل هذه الأجهزة.

 فينتج عن كل ذلك شكل خارجي متناسق وجميل.

والعجيب أن الكائن المطبوع الناتج تعمل أجهزته لستين وسبعين سنة بلا توقف.

والأعجب من ذلك أن ما تم طبعه قادر على أن ينتج نسخا مثله فيكون بذلك كل منتج هو بذاته طابعة ثلاثية الأبعاد.

سبحن الله وبحمد ... سبحان الله العظيم.

نار تشهد أن محمداً رسول الله






رجل في قلب جزيرة العرب، يتحدث عن نار ستخرج بعده ...

ويحدد أرض خروجها ...

ويحدد المسافة التي سيصل إليه ضوؤها ...

ثم يموت هذا الرجل ...

يموت وحدود بلده لم تصل إلى الأرض التي سيصل إليها ضوء النار ...

وتمضي القرون تلو القرون ...

والناس يتناقلون هذه النبوءة من جيل إلى جيل ...

حتى إذا دخل القرن السابع الهجري ...

وتحديداً سنة 654 هـ ...

تفاجأ الناس في الحجاز - وتحديداً في المدينة النبوية - بزلزال عنيف ...

لم يكن مجرد زلزال، بل كان أكثر من ذلك ...

كان بركاناً ...

إذ انفجرت الصخور بعنف قاذفة بحمم النار إلى ارتفاعات عالية ...

وصل ضوؤها إلى أفق بلاد الشام، إلى بُصرى (حوران) في سوريا ...

كانت هذه النار في قوتها وارتفاعها آية من آيات الله الطبيعية ...

إلا أن وجود نبوءة في الإسلام تتحدث بدقة عن هذه النار هي آية من آيات الإسلام تحديداً ...

لتكون هذه النار شاهدة أن ذلك الرجل الأمي الذي خرج من بين ظهراني أمة أمية، لم يكن رجلاً عادياً ...

بل كان يتلقى الخبر من السماء ...

أي أنها تشهد أنه نبي من أنبياء الله.

وليس ذلك فقط ...

بل إن في وصول هذه النبوءة وأمثالها إلينا عبر كتب الحديث التي عند أهل السنة وتحقق تفاصيلها بدقة ما يشهد لأمانة نقل رواتهم ودقة منهجهم في الحديث.

نترككم مع النبوءة ... وأقوال الأئمة وشهود العيان فيها ...

قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، تضيء أعناقَ الإبل ببصرى". [أخرجه البخاري].

قال النووي رحمه الله: "وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت ناراً عظيمة جداً، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة"[شرح صحيح مسلم].

والنووي من أهل الشام.

ونقل ابن كثير رحمه الله أن غير واحد من الأعراب ممن كان بحاضرة بصرى شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت في الحجاز[البداية والنهاية].

نقولات ابن حجر رحمه الله في فتح الباري:

"وقال لي بعض أصحابنا‏:‏ رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام، وسمعت أنها رئيت من مكة ومن جبال بصرى‏.‏

...

وقال أبو شامة في ‏"‏ ذيل الروضتين ‏"‏‏:‏ وردت في أوائل شعبان سنة أربع وخمسين كتب من المدينة الشريفة فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين، فذكر هذا الحديث، قال‏:‏ فأخبرني بعض من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب ...

فذكر نحو ما تقدم، ومن ذلك أن في بعض الكتب‏:‏ ظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد‏.‏

وفي كتاب آخر‏:‏ انبجست الأرض من الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد المدينة وهي برأي العين من المدينة، وسال منها واد يكون مقداره أربع فراسخ وعرضه أربع أميال يجري على وجه الأرض ويخرج منه مهاد وجبال صغار‏.‏

وفي كتاب آخر‏:‏ ظهر ضوؤها إلى أن رأوها من مكة، قال ولا أقدر أصف عظمها، ولها دوى‏.‏

قال أبو شامة‏:‏ ونظم الناس في هذا أشعارا، ودام أمرها أشهرا، ثم خمدت‏.‏

"

انتهى باختصار وتصرف.

والصور في الأعلى ما هي إلا نماذج لصور براكين اللافا وهي فقط للمساعدة على تخيل ما حدث، وإلا فلا يدرك هذه النار إلا من عاصرها.

وهذه بعض الصور من المدينة النبوية لآثار براكين سابقة حدثت في المدينة في زمن ما وضعتها للتوضيح فقط (اضغط على الصور للتكبير):








من باب البحث عن المنحة في المحنة أقول: الغلاء سينقذ كوكب الأرض !

موارد الأرض تُستنزف يومياً في المجتمعات المترفة في أمور شخصية واجتماعية اعتادها الناس بسبب رخص أسعار هذه الموارد.

ومحارق القمامات تئن من كثرة ما يلقيه البشر فيها من موارد الأرض فيكون مصيرها الحرق.

وهذا الحرق ملوث لكوكب الأرض.

وأعداد السيارات في تزايد، وأسباب خروج الناس بسياراتهم تتزايد أيضاً.

الناس لا تبالي في أية وسيلة نقل تتنقل، ولا تحرص على الخروج مجتمعة بسبب رخص التنقل الفردي.

والتنقل الشخصي يتطلب المزيد من الوقود والذي بدوره يزيد من استنزاف ثروة النفط.

وهناك جهات تسعى لأن تنقذ كوكب الأرض دون جدوى.

فما المنقذ؟

لا شك أن الغلاء العالمي هو أحد أهم العوامل التي ستنقذ كوكب الأرض.

فهو قادر على إجبار الناس على تغيير عاداتهم وأنماط حياتهم !

الغلاء سيغير من عادات الشريحة الكبرى من المجتمعات الإنسانية في التباهي الشخصي والإجتماعي.

الغلاء سيجعل قرارات الناس في الخروج تتغير، وسيجعل خروجهم أقل استنزافاً لثروة النفط.

وبسبب ذلك ستقل أدخنة عوادم السيارات وسيقل التلوث.

الغلاء سيجعل قوة الناس الشرائية ضعيفة.

وبالتالي الطلب على البضائع سيقل، وستخفف المصانع بسبب ذلك من طاقتها الإنتاجية مقللة من استهلاك موارد الأرض ومقللة من تلويثها للبيئة بنفاياتها الكيميائية وأدخنتها وغير ذلك.

باختصار الغلاء سيقلل من استنزاف موارد الأرض، وسيقلل من التلوث الناتج عن استهلاكها، وسيقلل من المشاكل الناتجة عن هذا التلوث والتي منها الاحتباس الحراري واضمحلال طبقة الأوزون.

صورة توضح كم يُحرق من موارد الأرض في محرقة القمامة، وكم تنبعث من أدخنة وملوثات في الجو بسبب هذا الحرق:


الغلاء سيخفف من هذه الانبعاثات حين يقل طلب الناس على السلع فيقل الإنتاج:


الغلاء سيقلل عدد المبذرين ويحصر التبذير في الأغنياء بينما الطبقة الشعبية العريضة لن يُبقي لها الغلاء مالاً تبذر فيه:


إذا ارتفع سعر البترول سيقلل الناس من مشاويرهم، وسيتخذون طرقاً كثيرة للتعايش مع الغلاء، كأن يجمعوا مشاويرهم في خروج واحد، أو يخرجوا جماعة بدلاً من أفراد، أو يستخدموا وسائل النقل العامة بدلاً من الخاصة وغير ذلك:


وعلى هذا المنوال يمكننا أن نعدد الأسباب التي ستجعل الغلاء العالمي ينقذ موارد وصحة كوكب الأرض.

كلمة أخيرة:
لا يُفهم من كلامي أنني مع الغلاء.

فالغلاء محنة كما أشرت إلى ذلك في العنوان.

لكن الغلاء قد فُرض علينا.

والشيء السيء إذا فرض عليك إما أن تسعى إلى تغييره وإما أن تقر بعجزك عن ذلك فتصبر.

وعندها يكون البحث عن الإيجابيات معيناً على الصبر عليه.

ولم أترك الكلام عن الآثار السلبية للغلاء إلا لأنها قد استفاض النقاش فيها لدى الناس.

لقد تعلمنا من الشرع أنه لا يوجد شر محض.

فحتى وجود الشيطان ليس شراً محضاً فبوجوده يحقق الله غايات يعيها من تأمل.

أردت فقط لفت الانتباه إلى المنح التي يمكن استخلاصها من محنة الغلاء.

وعجباً لأمر المؤمن فأمره كله له خير.

لا يدخل الجنة فنان !!!


جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله : يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم ، وإنه ليقيد(يقتص) يومئذ الجماء (الشاة التي كسرت قرونها) من القرناء، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله: كونوا تراباً ، فعند ذلك يقول الكافر: " يا ليتني كنت تراباً" . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

ومن هذا الحديث يتبين بجلاء أنه ليس كل من يُحشر في أرض المحشر يدخل الجنة، فالفنانون مثلاً لا حظ لهم في الجنة. وليسوا هم أهل لدخولها.

فالله –سبحانه- يجمعهم هم ومن على شاكلتهم، فيقتص للمظلوم منهم من الظالم، ثم يهلكهم جميعاً. ولا يدخلون الجنة.

و من أراد أن يعرف لم كان الأمر كذلك، فما عليه إلا أن ينظر إليهم بشكل مباشر ومن خلال التلفاز وليتمرس في وجوههم فسوف يعرف على الفور أنها ليست وجوه أهل الجنة، ثم ليتأمل في حياة الفنان، فما هي إلا أكل وشرب و تناسل، هي في الحقيقة حياة البهائم، لا يدرون ما صلاة، ما زكاة، ما حج، والله سبحانه يقول:"ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون".

فماذا عمل هذا الجنس من خلق الله؟!

وبأي شيء يدخلون الجنة؟!

فإن قلتم: و ما دليلك؟

قلت: الحديث المذكور أعلاه واضح الدلالة في أن هذا الجنس من خلق الله، التراب أولى به من الجنة.

فإن قلتم: يا هذا ... لقد كنت فينا مرجواً قبل هذا، فما بالك تتجنى على خلق الله بغير حق؟!

قلت: بل بحق قلت ذلك وأصر على ذلك: الفنان لا يدخل الجنة!

أزيدكم؟!!

خذوا عني هذا الحكم: لا يدخل الجنة عجوز!!!

جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم-:"أن امرأة عجوزا جاءته تقول له : يا رسول الله ادع الله لي أن يدخلني الجنة فقال لها: يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز" وانزعجت المرأة وبكت ظنا منها أنها لن تدخل الجنة فلما رأى ذلك منها بين لها غرضه أن العجوز لن تدخل الجنة عجوزا بل ينشئها الله خلقا آخر فتدخلها شابة بكرا فتلا عليها قول الله تعالى: إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا". (الحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة).

لعلكم عرفتم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يمزح حين قال: لا يدخل الجنة عجوز، و مع ذلك فما قال إلا الحق.

فماذا عن مزحة "لا يدخل الجنة فنان"

جاء في القاموس المحيط أن كلمة فنان تطلق على "الحمارُ الوحشيّ بتفنّنه في العَدْو".
و إذا عدتم لقراءة الموضوع ثانية ولكن على هذا المعنى الأخير فستدركون أن كل ما قلته حق.

فلا يدخل الجنة شاة ولا فنان ولا بقرة ولا عنزة ولا جاموسة، لأن الحيوانات تُحشر، فيقتص الله من الظالم منها للمظلوم، ثم يقال لها كوني تراباً. و هذا باستثناء حيوانات الجنة.

قرية الوباء



قرية الوباء ... قرية لا تختلف عن باقي القرى إلا في انتشار الأوبئة والأمراض انتشاراً ليس له نظير في أية قرية أخرى.

كانت كبائر الأوبئة والأمراض متفشية في الناس. فلا يخلو بيت من مصاب، وكانت الجنائز منظراً يومياً مألوفاً في القرية.

هرب الأطباء والأصحاء منها على حد سواء، ولم يبق فيها معالجون إلا ممرضون متطوعون بعد أن خلت الساحة من طبيب.

ولم يبق من الناس فيها إلا من اضطر إلى البقاء، معرضاً نفسه وذريته إلى عشرات الأمراض التي تغص بها هذه القرية.

كان في القرية معالجاً مخلصاً لقريته، لم يشأ أن يتركهم لمعاناة الأمراض دون علاج وهو الذي قد جرب المرض وعانى منه.

وقد أعد برنامجاً علاجياً مميزاً وناجحاً إلى حد كبير لعلاج مرضاه.

كان برنامجه يقتضي أن يعزل المرضى المصابين الذين يريدون العلاج عن قرنائهم الموبوئين ويُجلسهم في غرف تحت أشعة قاتلة للأوبئة لساعة كاملة خمس مرات في اليوم، ويحرم عليهم بعض الأطعمة، ويُعطيهم حصة تعليمية أسبوعية عن أمراض القرية وكيفية العلاج منها، و ... و ....

باختصار ... كان برنامجاً متعباً يحتاج إلى همة.

كان هذا المعالج في الأساس أحد ضحايا الأمراض في هذه القرية، وكانت أطلال مرض الجدري واضحة على وجهه.

لم يرق هذا البرنامج لسفهاء القرية، لما فيه من القيود والحرمان، فأخذوا يسخرون من المعالج ومن علاجه، وتركزت سخريتهم على ثلاثة أمور:

  • أن المعالج الذي تَصَدَّرَ لعلاج الناس هو نفسه له سوابق مع مرض يُعد من كبائر الأمراض، فأطلال مرض الجدري بادية على وجهه.
  • أن الذين يسميهم الناس أصحاء - وهم المرضى الذين خضعوا للعلاج - لا تزال فيهم أمراض أخرى على الرغم من أن 90 % من الأمراض قد شُفوا منها.
  • أن كثيراً ممن سلك طريق العلاج لم يصبر عليه وعاد عنه إلى أسوأ مما كان عليه، فلماذا يُحمِّل الإنسان نفسه هذا العناء ابتداءاً.

كان سفهاء القرية يُصرون على المقارنة بين أصِـحّّائهم وبين أصِـحّاء القرى الأخرى التي لم يتفش فيها المرض، فيحتقرون بذلك أصحاءهم، إذ لا يخلو أصح القوم في القرية من ثلاثة أمراض على الأقل.

حاول المعالج أن يرد شبههم، فكان يرد عليها بهذه الأجوبة:


  • أن سوابقه في مرض الجدري - وهو من كبائر الأمراض - بسبب نشأته في مجتمع موبوء، والإنسان لا يعرف في بداية نشأته ما يضره وما ينفعه، فلم يكن يتوقى أماكن المرض حتى انتقل إليه، أما حين علم، فقد سلك طريق العلاج حتى عوفي، فلماذا الإصرار على تعييره، خصوصاً وأن الذين يعيرونه ليسوا بأسلم من الأمراض منه.
  • أنه حين يكثر الخبث، يُميز الصحيح عن السقيم بقلة ما عند الصحيح من أمراض وقلة خطورة الأمراض التي عنده بالنسبة لما عند باقي أفراد المجتمع، لا بسلامته التامة من الأمراض، فإن هذا متعذر في قرية فشا فيها هذا الكم من الأمراض.
  • أن عدم استمرار بعض المرضى في العلاج، هو لدناءة الهمة عندهم لا لعيب في العلاج.

ولسفول الهمة عند سفهاء القرية، أقنعوا أنفسهم بأن ترك الحبل على الغارب للأمراض مع حرية العيش، أهون من سلوك طريق العلاج المتعب، الذي لم يخرج عنه صحيحاً واحداً يشبه أصحاء المدن المجاورة والمعافاة من هذا البلاء.

كانوا يرددون: نحن ميتون ميتون، فلماذا لا نعيش دنيانا على ما نحب ونهوى بدل إضاعة الوقت في عبث المعالجين؟

وهكذا كان عنادهم، وهكذا ظلت الأمراض تفتك بهم إلى أن هلكوا جميعاً الصحيح منهم والسقيم.

صور لرجال حققوا نبوءة نبوية ... وجوههم كأنها المجان المطرقة













هل تدرون من هؤلاء؟

إنهم قوم نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نتحرش بهم ...

بأسهم في الحروب شديد ...

إنهم أول من سلب ملك العرب بعد قرون من الخلافة ...

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك، قوما وجوههم كالمجان المطرقة (الدروع)، يلبسون الشعر، ويمشون في الشعر" (البخاري)

وعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر، وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه، كأن وجوههم المجانّ المطرقة" (البخاري)

قال ابن حجر رحمه الله: "قاتل المسلمون الترك في خلافة بني أمية، وكان ما بينهم وبين المسلمين مسدودا إلى أن فتح ذلك شيئا بعد شيء، وكثر السبي منهم، وتنافس الملوك فيهم لما فيهم من الشدة والبأس ........................ ثم جاءت الطامة الكبرى بالططر (التتار)، فكان خروج جنكز خان بعد الستمائة، فأسعرت بهم الدنيا ناراً، خصوصاً المشرق بأسره، حتى لم يبق بلد منه حتى دخله شرهم، ثم كان خراب بغداد وقتل الخليفة المسعتصم آخر خلفائهم على أيديهم في سنة ست وخمسين وستمائة، ثم لم تزل بقاياهم يخربون إلى أن كان آخرهم اللنك، ومعناه: الأعرج، واسمه تَمُر بفتح المثناة وضمّ الميم، وربما أشبعت، فطرق الديار الشامية وعاث فيها، وحرق دمشق حتى صارت خاوية على عروشها، ودخل الروم والهند وما بين ذلك، وطالت مدته إلى أن أخذه الله، وتفرق بنوه البلاد.

وظهر بجميع ما أوردته مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن بني قنطوراء أول من سلب أمتي ملكهم))، والمراد ببني قنطورا الترك، وكأنه يريد بقوله: ((أمّتي)) أمةَ النسب، لا أمة الدعوة، يعني العرب. والله أعلم" (فتح الباري)

وعلى هذا يكون التتار الذين ظهروا في القرن السابع الهجري هم من الترك؛ فإن الصفات التي جاءت في وصف الترك تنطبق على التتار (المغول).

قال النووي رحمه الله: "وهذه كلها معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وجد قتال هؤلاء الترك بجميع صفاتهم التي ذكرها صلى الله عليه وسلم: صغار الأعين، حمر الوجوه، ذُلفُ الأنف، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة، ينتعلون الشعر، فوجدوا كلها في زماننا، وقاتلهم المسلمون مرات، وقتالهم الآن. ونسأل الله الكريم إحسان العاقبة للمسلمين في أمرهم وأمر غيرهم وسائر أحوالهم وإدامة اللطف بهم والحماية، وصلى الله على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحي" [شرح صحيح مسلم].

لهذا أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا نتحرش بهم فقال "اتركوا الترك ما تركوكم" (حسنه الألباني في سنن أبي داوود).





تأملوا وجه هذا المغولي ... (للتكبير: اضغط على الصورة)

تنطبق عليه صفات القوم: حمر وعراض الوجوه ... صغار الأعين ... غلاظ الأنوف مع انبطاحها... كأن وجوههم الدروع المطروقة ...

والمقصود هنا بيان انطباق النبوءة وليس السخرية بوجوه المغول ...

كيف وكثير منهم أسلموا حين خالطوا المسلمين.

أليس عجيباً أن يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوه قوم ستقاتلهم الأمة بعد ستمائة سنة من موته؟

من لم يستوعب فكرة هذا الحديث ... فلن يفهم العدالة الإلهية

هناك من يعطيه الله من فرصة الحياة ستين سنة وهي أكثر مما يحتاجه الإنسان ليقرر العودة إلى الله والاستقامة على صراطه ...

وفي المقابل ... هناك من لا يعطيه الله من فرصة الحياة إلا ما يبلغ به سن البلوغ.

وكلاهما محاسب على أعماله واختياره لطريقه !!!

وهناك من يطيع ربه منذ ستين سنة ...

وفي المقابل ... هناك من يتقلب في المجون منذ ستين سنة ...

فيأتي الماجن قبيل وفاته بأيام ويتوب فيتوب الله عليه ويدخل الاثنان الجنة !!!

والأمثلة على هذا النوع من الإشكالات كثيرة ...

فما كلمة السر التي تفتح مغاليق الفهم للعدالة الإلهية عند هذه الحقائق الشرعية؟!

دعونا نتأمل هذا الحديث أولاً:

عن ‏ ‏سالم بن عبد الله ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏أنه أخبره ‏أنه سمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول:

"إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أوتي‏ ‏أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا ‏‏قيراطا ‏قيراطا ‏ثم أوتي ‏‏أهل الإنجيل ‏الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا ‏‏قيراطا ‏قيراطا ‏ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا ‏قيراطين ‏قيراطين، ‏ ‏

فقال ‏‏أهل الكتابين: ‏ ‏أي ربنا أعطيت هؤلاء ‏‏قيراطين ‏قيراطين ‏‏وأعطيتنا ‏قيراطا ‏قيراطا ‏ونحن كنا أكثر عملا.

قال قال الله عز وجل: ‏ ‏هل ظلمتكم من أجركم من شيء

قالوا: لا!

قال فهو فضلي أوتيه من أشاء
" (رواه البخاري)

معنى "أي ربنا": يا ربنا.

ملخص الحديث، أن الله أعطى الطوائف الثلاثة نصيبها من الأجر كاملاً، إلا أنه ضاعف للمسلمين في الأجر على الطائفتين الأخريين من دون أن ينقص من أجورهم شيئاً.

أهم فكرة في هذا الحديث هي أن هناك فرقاً بين عدل الله وفضله.

وهي كلمة السر التي نفهم بها شيئاً من العدالة الإلهية ...

إنها في التفريق بين ما هو من حق الإنسان ... وبين ما هو زائد عن حقه.

وعدم إدراك هذا الفرق هو الذي يوقع بعض الناس في الحيرة في فهم بعض حقائق الشرع.

لتوضيح الفكرة أكثر خذوا هذا المثال:

لو رأيت صاحب شركةً وظف عمالاً على درجة معينة، ثم في آخر الشهر أعطاهم الراتب المستحق إلا طائفة منهم، أعطاهم ضعف الراتب المستحق لاعتبارات خاصة عنده.

فقبل أن تسارع باتهامه بالظلم، اسأل أولاً، هل أخذ الجميع حقهم كاملاً؟

فإن كان نعم.

فصاحب الشركة حر فيما هو فوق الحقوق، يعطي من يشاء ويحرم من يشاء ما دام قد أدى حق العمال المتعاقد عليه كاملاً.

الآن على ضوء كلمة السر هذه، دعونا نعود إلى الأمثلة لبعض التساؤلات التي تحير فيها بعض الناس:

في المثال الأول ...

من عدل الله أنه لا يحاسب الإنسان إلا بعد قيام الحجة عليه، فلو مات بعد ساعة من قيام الحجة عليه، فهو مسؤول عما عمل أو قرر، فلو عُذب على كفره أو فسقه لم يكن ذلك ظلماً.

وبما أن الله جعل سن البلوغ هو سن التكليف، فهذا يعني أن الصبي البالغ (أو الصبية) قادر على التمييز بين الحق والباطل في قضية التوحيد إذا عرض عليه وهو في هذا السن، وقادر على فهم معنى الطاعة ومعنى المعصية إذا عُـلِّـم من قبل مربيه وموجهييه.

فلو مات بعد بلوغه بفترة وجيزة، مات وهو مستوفٍ لشروط التكليف ولا حجة له في أن غيره قد مد الله عمره إلى ستين سنة، لأن هذا فضل زائد يتفضل الله به على من يشاء ليس من حقه المطالبة بالمساواة فيه، وسواء أعطاه الله إياه أم لم يعطه لا يؤثر ذلك في حقيقة أنه استوفى شروط ما يكون به مكلفاً مسؤولاً عن قراراته وتصرفاته وهو مؤاخذ إذا لم يقم بما كلف به.

أضف إلى ذلك أن الشرع اعتبر من أمده الله في العمر، أنه قد استنفد جميع الأعذار كما يقول النبي – صلى الله عليه وسلم: "‏أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة" (رواه البخاري)

أي أنه - كما قال ابن حجر – "لم يبق له اعتذار كأن يقول لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به ... والمعنى أن الله لم يترك للعبد سببا في الاعتذار يتمسك به . والحاصل أنه لا يعاقب إلا بعد حجة".

في المثال الثاني ...

الماجن الذي تاب في آخر أيام عمره، فإنما دخل الجنة لأن الله من رحمته وفضله أنه يحاسب الإنسان على آخر ما عمل، وإنما الأعمال بالخواتيم. وهذا مع أنه عمل قليلاً وجوزي كثيراً، إلا أنه لم ينقص من أجر المسلم الذي كان مستقيماً منذ نعومة أظفاره بل حصل هذا الأخير على أجره كاملاً لم يظلمه ربه في شيء مما عمل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

أضف إلى ذلك أن الجنة درجات، وليس كل من دخلها فقد تساوى مع غيره، ويتفاضل الناس بحسب أعمالهم.

وقس على ذلك كثير من الإشكالات التي قد تخطر بالك، فإن كلمة السر هذه تعينك على فهم شيء من العدالة الإلهية.

الله عدل لا يظلم أحداً، وفضله يؤتيه من يشاء بغير حساب.

والله أعلم.